نبذة عن الكتاب:
لقد ظلتْ علاقةُ العامل برب العمل ردحًا من الزمن خاضعةً لقواعد القانون المدني التي تقوم على مبدأ سلطان الإرادة، فلا يلزم الطرفان إلا بما تنصرف إليه إرادتهما الحرة من بنود أو شروط دون أدنى تدخل من جانب الدولة، إذ لم يكن مسموحا للدولة في ظلال الفكر الفردي وطلاقة مبدأ سلطان الإرادة بوصفه أبرز ثمار هذا الفكر، أن تتدخل ابتداءً لفرض بند أو أكثر من البنود بغية حماية أحد طرفي العقد (باعتباره في حاجة إلى تلك الرعاية نظرًا لضعف مركزه الاقتصادي في مواجهة الطرف الآخر) من خلال نص تشريعي آمر، أو أن تتدخل انتهاءً لرفع مظاهر الظلم الواقعة على هذا الطرف الضعيف من خلال التدخل القضائي بناء على طلبه، ظنًا من أنصار هذا الفكر الفردي أن العدالة العقدية سوف تتحقق بين طرفي العقد بصورة تلقائية، تأسيسًا على أن الإنسان مجبولٌ على السعي لمصلحته وأنه لن يرضى بهذا العقد إلا إذا كان عادلًا بالنسبة له ومحققًا لمصلحته.
ولقد ظهر من استقراء الواقع التاريخي لشيوع مبدأ سلطان الإرادة بصورته الحرفية المفرطة في مجال التعامل بصفة عامة وعلاقة العمال بأرباب العمل على وجه الخصوص أن مغارمه فاقت بكثير ما كان يبتغي من ورائه من مغانم، إذ لم يترتب على إطلاق الحرية التعاقدية تحقق العدالة المزعومة بصورة تلقائية بين أطراف العقود بل ساد في العقود طابع الظلم والاستبداد من بعض أطراف العقود في مواجهة البعض الآخر، لاسيما في ظل التفاوت الرهيب واللامعقول في مراكزهم الاقتصادية، فليس من المعقول تحقق العدالة العقدية بصورة تلقائية في علاقة عقدية تربط بين عامل ضعيف ورب عمل يتمتع بمركز اقتصادي قوى، وإنما الطبيعي لاسيما في غياب التدخل التشريعي الآمر أن ينصاع العامل ويذعن لرب العمل فيما يمليه عليه من شروط مهما كان إجحافها به تحت تأثير الحاجة الملحة إلى الأجر الذي يمثل المصدر الوحيد أو الرئيسي المأمول لمعيشته في المستقبل.
وظلت وطأة الظلم والإحجاف على العامل من جانب أرباب العمل تتزايد يومًا بعد يوم مع توغل الفكر الفردي وتزايد تطرفه حتى أضحت مبادؤه وأفكاره سلاحًا حادًا يستعمله أصحاب الشركات الصناعية الكبرى في مواجهة عمالهم فيتحكمون في مصائرهم وأسباب عيشهم ويملون عليهم شروطهم التعسفية وهم في مأمن من أي تدخل تشريعي أو قضائي لدفع هذا الظلم أو إلغاء هذه الشروط أو الحد من شططها، إلى أن تهاوت مبادىء الفكر الفردي أمام تدفق أفكار ومبادىء المذهب الاشتراكي التي نادت بفكرة العدالة الاجتماعية ودعت إلى وجوب تدخل الدولة تشريعيًا للحد من طغيان سلطان الإرادة وظلمها في كثير من العقود ومنها عقد العمل، وظهرت التشريعات العمالية لتنظيم علاقات العمال بأرباب العمل بقواعد آمرة بهدف رعاية هؤلاء العمال وحمايتهم بعد أن فشلت القواعد التقليدية في القانون المدني في توفير تلك الرعاية.
وسنعالج – بمشيئة الله تعالى - أحكام عقدي العمل الفردي في ظلال نصوص قانون العمل البحريني رقم 36 لسنة 2012م، مع الإشارة إلى مواطن التباين والاختلاف بينه وبين قانون العمل البحريني الملغي الصادر بالمرسوم رقم 23 لسنة 1976م، وقانون العمل الموحد المصري رقم 12 لسنة 2003م.
قانون مدني
اعصم احمد حمدي امام
السيد عبد الوهاب عرفه
حسين جليل القصير
الجمعية المصرية لحماية الملكية الصناعية
الحسن محمد محمد سباق
هدى عبد الله
مصطفى عبد السيد الجارحي
سلامة عبد التواب عبد الحليم
محمد محيي الدين إبراهيم سليم
قدري الشهاوي